دراسات إسلامية

 

الإعلام الإسلامي ودوافع المسؤولية

 (2/2)

 

بقلم : الأستاذ محمد خير رمضان يوسف

  

 

  

 

 

       (د) عدم اتباع الهوى :

        وهناك معارضة بين خشية الله وبين اتباع الهوى . فالذي يتبع هواه لايخشى الله حقَّ خشيته، والذي يخشى الله لايتّبع هواه .. بل يتبع المنهج الذي أمر الله تعالى به :

        ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّه وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوٰى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوٰى﴾ (النازعات:40) .

        ﴿لَئِنْ بَّسَطْتَّ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِيْ مَآ أَنَا بِبَاسِطٍ يَّدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رّبَّ الْعَالَمِيْنَ﴾ (المائدة:28) .

        ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِّنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَالاَتَرَونَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ ..﴾ (الأنفال:48).

        ﴿فَاحْكُمْ بَينَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَتَتَّبِعِ الْهَوٰى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ (ص:26) .

(هـ) خشية الله وحده :

        وهنا تأتي العزيمة والقوة ، ويتبين فيها المؤمن الحقيقي من الذي لم تشرئب نفسُه بالإيمان .. فالحياة الجادّة ، والمسؤولية المُناطَة بالمسلم تتطلب منه أن يُبيِّن عزيمَته ويُظهِر رأيه كما يطلب منه الإسلام .. ولا يخشى في الله لومة لائم .. ولايخاف بشرًا ناصيتُه بيد الله .. هو مخلوق لايملك إلا قوة إنسانية محدودة لايمده الله بعون ولاقوة من عنده . ولايُرهبَنَّه صوته وسلاحه وجنده .. فإن ما عند الله أكبر وأجزى .. وأمامه أحدى الحسنيين ..

        ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهمْ يَخْشَونَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ (النساء:77) .

        ﴿فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَونِ وَلاَتَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثـَمَنًا قَلِيلاً﴾ (المائدة:44) .

        ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَيَخافُونَ لَومَةَ لاَئِمٍ﴾ (المائدة:54).

        ﴿إِنَّمَا ذٰلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أَولِيَاءَه فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافِونِ إِنْ كُنْتُمْ مِؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران:175).

(و) الهداية والعلم سببان للخشية :

        فمن فقّهه الله في دينه ، وهداه إلى صراطه ، وجنّبه زيغَ الشيطان ، وكلأه بحفظه ورعايته ، فقـد قـذف في قلبــه نــورًا يهتــدي بـــه ، وزرع في قلبــه خشيتـه .. لايضِلّ بــه الطـريقُ ولايتيـه ولو كان في مجتمع جاهلي . والعلم يبعث في النفس الإبهار والإكبار لبديع صنع الله تعالى ، ولذاته وأسمائه وصفاته عز وجل .. فترى المؤمن الخاشع يبتَعِد عن الرذائل والمعاصي والمنكَرات .. ويُقْبِل على تهذيب نفسه وتربية أسرته وإصلاح مجتمعه ..

        ﴿وَأَهْدِيكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشـٰـى﴾ (النازعات:19)

        ﴿وَمَالَنَا أَلاَّ نَتَوكَّلُ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا﴾ (إبراهيم:12).

        ﴿وَمَنْ يَّعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْمًا وَلاَهَضْمًا﴾ (طه:112) .

        ﴿إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِه الْعُلَمَاءُ إِنّ اللهَ عَزِيْزٌ غَفُورٌ﴾ (فاطر:28) .

(ز) رِضى الله .. وتأييده لمن يخشاه :

        إن الذي يخشى الله ويُحكِّم شرعه في أقواله وأفعاله ، فيطيع ما أمر به ، وينتهي عما نهى عنه؛ إنما يجلب بذلك رضي الله وتوفيقه وعونه له . رضاء الله أقصى مايتمناه المؤمن .. بل هو أعلى الدرجات التي يمنحها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة عندما يُسكنهم الجنة ..

        ﴿رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّه﴾ (البينة:8)

        ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلاَهُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة:83) .

        ﴿قَالَ لاَتَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ (طه:46).

سابعًا : حب المبدأ والحماس للتبليغ :

        إذا كنا قد بينا في الفقرة السابقة أن خشية الله تعالى دافع أساسي للشعور بالمسؤولية ، فلا يعني هذا أن العلاقة بين المسلم والإعلام بدينه قائمة على الخوف والرهبة فقط ؛ لأن أساس عقيدة المسلم هو الإيمان ، والتسليم بما جاء به الإسلام عقيدة وشريعة . والإيمان بالمبدأ يعني حبَّه والتفاني في الدعوة إليه والذبَّ عنه ؛ لأنه يُمَثِّل الحياة الفكرية والروحية التي لايرى عنها المرء بديلاً ، ولو أدى ذلك إلى التأثير في نفسه وأهله وماله كما يحدث للدعاة المخلصين والمجاهدين في سبيل الله ..

        ومن ثم نرى أن الإيمان العميق والحماس للتبليغ يُمَثّلان أهم أركان المسؤولية الإعلامية في الإسلام .. فالإيمان الكامل يصنع الأبطال ، وينفخ فيهم روح الحركة والتحفز ، ولهيب الجهاد والمعركة ، ويفتح أمامهم نور الدعوة والهداية ، وسبل الرشد والإصلاح .. ولاتخبو هذه الحركة في قلبه مادامت روحه في جسده ، ولاينطفئ حماسها مادام قلبه ينبض بالحياة .. وإذا كان الإيمان مستمرًا على هذا النحو ، فإن الدعوة المنبثقة منه تبقى مستمرة نافذة في كيانه وجوارحه، ودافعًا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والعمل الصالح ..

        وعلى الداعية أن يكون ثابتًا في إيمانه ، لاتهزه قوة الكفر ولايُزعزعه بلاء ومحنة .. أما الإيمان الضعيف ، فإنه أدعى إلى التهالك والسقوط وعدم الثبات .. فلايكاد يصمد أمام اختبار يسير:

        ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَّعْبُدُ اللهَ عَلىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمأَنَّ بِه وَإِنْ أَصَابَتْهُ فَتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلىٰ وَجْهِه خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾(15).

        وإن لنا العبرة في حياة نوح عليه السلام مع قومه ، فقد لبث معهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، وهو لايكل من الدعوة ولايمل من التبليغ . ولم يؤثر هذا الوقت الطويل وهذا الإعراض المستمر على إيمانه أو دعوته من يأس أو قنوط .. بل بقي كذلك ، مطيعًا لربه ، مُبلِّغًا لعقيدته ، حتى أتاهم أمر الله .. وهكذا ينبغي أن يكون الإيمان في قلب الداعية ، ثابتًا وعميقًا ، بحرارة وحماس ، يأخذ عليه كل حسه وكيانه ، فلا يشعر إلا أنه وجد لأداء وظيفة في هذه الحياة ، يُطَبِّقها في سائر وظائفه(16).

ثامنًا : أمثلة توضيحية عن الخشية من الله وقول الحق

1-              نماذج تطبيقية عن الشعور بالمسؤولية:

        ونقتصر في هذه الفقرة على بعض ماورد في سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه:

        كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب شديدًا على ولاة الأقاليم ، يبتــدع الوسائل التي تضمن له استمرار الاطلاع على مايجـرونه في مناطقهم من الأعمال ، ويبالــغ في الاتصال بالـرعايا ومعرفة مايشكونه من الظلم والحيف . وقد سن دستورًا لتصرفات الولاة اشتمل على المبادئ الأساسية الآتية:

        (أ) أنه كان يُحصي مكاسب الوالي عقارًا ومنقـولاً ومالاً قبل الولاية ليحاسبه بها على مازاده بعد الولاية مما لايدخل في عداد الزيادة المعقولة. ومن تعلَّل بالتجارة لم يقبل منه دعواه لأنه كان يقول للولاة : إنما بعثناكم ولاة ولم نبعثكم تجارًا.

        (ب) أنه كان يرصد لهم الرقباء والعيون من حولهم ليبلغوه ماظهر وماخفي من أمرهم . حتى كان الوالي من كبار الولاة وصغارهم يخشى من أقرب الناس إليه أن يرفع نبأه إلى الخليفة .

        (ج) أنه بعث وكلاء مختصين يجمعون شكايات الشاكين والمتظلمين ويتولى التحقيق والمراجعة فيها ليستوفي البحث فيما يرفعه إليه الوكلاء والرقباء .

        (د) أمره للولاة والعمال أن يدخلوا إلى أوطانهم نهارًا إذا رجعوا إليها من مراكز حكمهم ليظهر معهم ماحملوه في عودتهم ويتصل خبره بالحراس والأرصاد الذين يقيمهم على ملاقي الطريق .

        (هـ) استقدامه للولاة في كل موسم من مواسم الحج ليحاسبهم ويسمع مايقولون ومايقال فيهم، وعليهم شهود ممن يشاء أن يحضر الموسم من أهل البلاد(17). فكان العمال يخافون الافتضاح على رؤوس الأشهاد ، فيتجنَّبون ظلم الرعية ، ويسيرون بين الناس بالعدل والإنصاف..(18)

        ذكر الإِمام الطبري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قـال : لئن عشتُ إن شاء الله لأسيرنَّ في الرعية حولاً؛ فإني أعلم أن للناس حوائج تُقْطَع دوني . أما عمالهم فلا يـرفعــونها إليّ ، وأما هم فلا يصلون إليّ ؛ فأسير إلى >الشام< فأقيم بها شهرين ، ثم أسير إلى >الجزيرة< فأقيم بها شهـرين ، ثم أسير إلى >مصر< فأقيم بها شهريـن ، ثم أسيـر إلى >البحرين< فأقيم بها شهرين ، ثم أسير إلى >الكوفة< فأقيم بها شهرين ، ثم أسير إلى >البصرة< لأقيم بها شهرين، والله لنعم الحول هذا!(19).

        لما جاء عام الجوع وأصاب المنطقة قحط شديد، أقسم عمر ألا يذوق السمن ويأكل طيبًا حتى يفتح الله على المسلمين .. وبقى عامه على هذا الحرمان والمسلمون يرون حاله فيشفقون عليه من الجهد الذي يبذله ، حتى بسر وجهه من أكل الزيت مع قلة الطعام الذي يتناوله ورداءته ، حتى لقد ذكر أحد الصحابة بالحرف : >كنا نقول: لو لم يدفع الله عام الرمادة لظننا أن عمر سيموت همًا بأمر المسلمين< .. ويرجوه أصحابه أن يرأف بنفسه ويشفقون عليه من الجهد الذي يبذله ، ويبيحون له – عن طيب خاطر منهم – أن يأخذ من بيت المال مايصلح به شأنه ؛ ولكنه يرفض ذلك يصرّ على رفضه الحاسم قائلاً: وكيف يعنيني أمر الرعية إذا لم يمسني ما يمسهم ؟ إنه هنا يقدم لنا شعارًا اجتماعيًا ، هو جوهر العدم الاجتماعي وروحه الأصيلة .. شعارًا لاتفسره الكلمات ؛ إنما موقف عمر نفسه وهو يعاني مع أمته من أجل أن يعمق اهتمامه بمآسيها ومتاعبها وأحزانها(20).

     2- نماذج تطبيقية من الجهر بالحق :

        يقول عليه الصلاة والسلام : >ألايمنعنّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول بحقّ إذا علمه<(21).

        سُئِل ابن المبارك : مَنِ الناسُ ؟ فقال: العلماء. قيل له : فمن السفلة ؟ قال: الذي يأكل بدينه .

        حبس معاوية عن الناس أعطياتهم ذات مرة، وجاء يخطب على المنبر، فقام إليه أبو مسلم الخولاني معاتبًا ومحاسبًا على حبس العطاء عن الناس ، وقال له يا معاوية ، إنه ليس من كدِّك ولا كدِّ أبيك ولاكدِّ أمك ..

        فغضب معاوية وغادر المنبر قائلاً للناس : مكانَكم ! وغاب عنهم ساعة ثم رجع إليهم فقال: إن أبا مسلم كلَّمني بكلام أغضبني وإني سمعت رسول الله يقول: >الغضب من الشيطان ،والشيطان خُلِق من نار، وإنما تُطفأ النارُ بالماء، فإذا غضب أحدكم فليغتسل< وإني ذهبت فاغتسلت . وصدق أبو مسلم .. إنه ليس من كدِّي ولا كدِّ أبي .. فهلموا إلى أعطياتكم !

        لقد عرف أبو مسلم مسؤولية العالم ، فأدى واجبه في النصيحة للإمام .

        وعرف معاوية مسؤولية الحاكم ، فاستجاب لمن حاسبه في الحق ، ولم تأخذه العزة بالإِثم .

        لما وقعت الحرب بين >مصر< و>الحبشة< ، وتوالت الهزائم على >مصر< بسبب وقوع الاختلاف بين قواد جيشها .. ضاق صدر الخديوي إسماعيل لذلك فجمع عددًا من علماء الأزهر ليجتمعوا أمام القبلة القديمة في الجامع الأزهر للابتهال والدعاء بطلب النصر. ولكن مع ذلك ظلت أخبار هزائم الجيش المصري تتوالى .. فذهب الخديوي إلى هؤلاء العلماء ، وأعلمهم باستغرابه لعدم استجابة دعائهم وقال : إنكم لستم العلماء الذين نعهدهم من رجال السلف الصالح ، فإن الله لم يدفع بكم ولابدعائكم شيئًا !

        فوجم العلماء لكلام الخديوي إلا شيخًا واحدًا قائلاً :

        (هذا منك يا إسماعيل ! فقل روينا عن النبي أنه قال : >لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم<

        فسأل الخديوي الشيخ الأزهري الذي جابهه بكلمة الحق وصيحة الصدق :

        وماذا صنعنا حتى ينزل بنا هذا البلاء ؟

        فأجابه :

        أليست المحاكم المختلطة قد فُتِحَتْ بقانون يُبِيح الربا ؟ أليس الزنا برخصة ؟ أليس الخمر مباحًا ؟

        وعدّد الشيخ للخديوي المنكرات التي تشيع في مصر بلا إنكار . ثم قال:

        فكيف تنتظر النصر من السماء ؟!

        وأطرق الخديوي مليًا ثم قال له :

        صدقتَ صدقتَ(22).

تاسعًا : الولاء القلبي(23).

        حسم الإِعلام الإِسلامي قضية من أهم القضايا التي تشغل بال الإعلاميين ، وتُؤثـِّر على ما يتعرضون له من قضايا وموضوعات ، وهي قضية الولاء أو الانتماء . فقد أثبتت الأبحاث والتجارب العلمية أن الإِنسان أيًا كانت ثقافته وجنسيته في حاجة إلى الشعور بالانتماء إلى شيء، والعمل من أجله ..

        والولاء في جوهره نوع من الرقابة الذاتية للفرد على سلوكه وتصرفاته وأقواله ، بحيث تعكس الخضوع والانقياد للجبهة التي يشعر الفرد بالانتماء إليها بصورة لايمكن أن تحققها حتى أقسى القوانين وأصرمها ؛ لأنه يختص بمنطقة القلب ، حيث الحب والكره ، ولايستطيع سوى صاحبه أن يمنحه عن طيب خاطر وطواعية . أما القهر فلا يؤدي إلا إلى تظاهر فقط من الشخص بالحب والولاء .

        والإعلام الإسلامي – وقد استهدف إعداد الدعاة المخلصين للدعوة – كان لابد له أن يتعرض لقضية الولاء . فالولاء فيها محسوم من البداية لله سبحانه وتعالى . فهو أغنى الأغنياء عن الشرك . قال تعالى : ﴿أَلاَ للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾(24) ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ﴾(25). فالله تعالى يريد عبادًا يشعرون نحوه بالحب ويتنازلون باختيارهم عن كل مايغضب الله . ولذلك ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾(26). وإذا كان الله تعالى يريد أن يخضع أعناقًا بالقهر فما أسهل أن يفعله . قال تعالى : ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾(27). إنما يريد سبحانه عبادًا يدينون بالحب ويشعرون بالولاء، ويتقلبون في كل روحاتهم وسكناتهم في رضوان الله، كما قال تعالى : ﴿قَلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(28).

        ويعني الولاء لله الولاء لكتابه الكريم ، ولرسوله فيما صح عنه من قول أو عمل . وبذلك يكــون ولاء القيــم والمبــادئ الخالدة وليس ولاء مرتبطاً بأشخاص أو هيئات أو جهات قال تعالى ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تَرْحَمَونَ﴾(29).

        ومن خلال الولاء لله يتحقق هدف الإعلام الإسلامي في إيجاد رجال إعلام يقولون الحق ، ولايخشون في الله لومة لائم . وفي كل موقف أو قضية يبرزون جوانب الخير والحق والصدق والأمانة، ولايرضون الغش والتدليس ...

        وهدف الإعلام الإسلامي من إقرار مبدأ الولاء القلبي لله هو تحويل الكثرة المؤمنة إلى كل واحدٍ متماسك ..

*  *  *

الهوامش :

 

(15)  سورة الحج ، الآية 11 .

(16)  انظر صفات مقدمي البرامج الإسلامية للمؤلف ، ص 20-22 (باختصار) .

(17)  مثل عليا من قضاء الإسلام . محمود الباجي . – تونس : المكتبة الشرقية ، 1376هـ ، ص 45 .

(18)  القضاء في الإسلام . عطية مشرفة . – ط 2. – د. م: شركة الشرق الأوسط ، 1966م ، ص 101 .

(19)  تاريخ الأمم والملوك . جعفر بن جرير الطبري . – د. م: دارالقاموس الحديث ؛ بيروت : مكتبة البيان (نسخة مصورة) ، 50 ص 18 .

(20)  العدل الاجتماعي . عماد الدين خليل . – بيروت : مؤسسة الرسالة ، د. ت، ص 100 .

(21)  هو من حديث أبي سعيد الخدري ، من خطبة خطبها رسول الله رواها أحمد في المسند بطولها 3:19 ، في السنن ، >كتاب الفتن< ، باب ماجاء ما أخبر به النبي بما هو كائن إلى يوم القيامة< ، ورواه ، مختصرًا كما أثبتُّه أحمد في المسند 3:5 ، 71، وابن ماجه في السنن ، >كتاب الفتن< ، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . أنظر تخريج الحديث في كتاب >المتنبي< لمحود شاكر.

(22)  انظر مسؤولية العلماء في الإسلام . أحمد محمد جمال . – مكة المكرمة: دار الثقافة ، (1386هـ ، ص 20-22، 27-28)

(23)  انظر – باختصار – مبادئ الإعلام الإسلامي . محمد منير حجاب – (الإسكندرية) : د. ن، 1402هـ ، 1982م ، ص 73-74 وقد تم استبدال (نظرية الإعلام الإسلامي) التي تكررت في الفقرة بـ (الإعلام الإسلامي) بتصريح وتوجيه من المؤلف نفسه .

(24)  سورة الزمر ، الآية 3.

(25)  سورة الفاتحة ، الآية 5 .

(26)  سورة البقرة ، الآية 256 .

(27)  سورة الشعراء ، الآية 4 .

(28)  سورة الأنعام ، الآية 162 .

(29)  سورة آل عمران ، الآية 132 .

*  *  *

بيان الملكية

          اسم المطبوعـة  :        الـداعـي

          الدورة النشرية  :        شهريـة

          الطابع والناشر  :        ( مولانا ) مرغـوب الرحمن

          الجنسيـــة       :        هنــدي

          العنـــوان       :        دارالعلوم ، ديوبند ، يوبي

          رئيس التحرير   :        نور عالم خليل الأميني

          مالك المطبوعة  :        دارالعلوم ديوبند

          أصادق على أن التفاصيل المـذكـورة أعلاه صحيحـة

          حسب علمي واطلاعي             ( توقيع )

                                      (مولانا ) مرغوب الرحمن

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محـرم – صفـر 1428هـ = فبـراير - مارس  2007م ، العـدد : 1-2  ، السنـة : 31.